معالي الوزير سامي سميرات، وزير الاقتصاد الرقمي والريادة في المملكة الأردنية الهاشمية،
معالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية،
أصحاب المعالي والسعادة،
الحضور الكريم،
صباح الخير.
يشرّفُني أن أرحّبَ بكم في النسخةِ الثانيةِ من المنتدى العربي العالمي للتعاونِ الرقمي والتنمية،
الذي سيُعقَدُ على مدى أربعةِ أيام
في مرحلةٍ مفصليّةٍ تمرّ بها منطقتُنا العربيّة.
مرحلةٌ لم يعُدْ فيها التِحاقُ اقتصاداتِنا
برَكْبِ التحوّلِ الرقميِ مجرّدَ خيار،
بل بات ضرورةً حتميّة.
ففي مختلفِ أنحاءِ منطقتِنا،
تستخدمُ الحكوماتُ والشركاتُ والمجتمعاتُ التكنولوجيا كمحرّكٍ للتنميةِ المستدامةِ والنموِّ الشامل،
ويصبحُ التحوّلُ الرقمي
ركيزةً أساسيةً من ركائزِ التنويعِ الاقتصادي.
فبالنسبة للاقتصاداتِ المصدّرةِ للنفط،
توفّر الصناعاتُ الرقميةُ سبيلاً لتقليلِ الاعتمادِ على عائداتِ الهيدروكربونات،
ممّا ينهضُ بالقطاعاتِ المدفوعةِ بالابتكار
مثلِ التكنولوجيا المالية، والتجارة الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، والصناعات التحويلية المتقدّمة.
وبالنسبةِ للاقتصاداتِ النامية،
تُتيح المنصّاتُ الرقميةُ فرصاً غيرَ مسبوقة
لتجاوُزِ الحواجزِ التقليدية
الماثلةِ على طريقِ التنمية،
ولتعزيزِ الشمول المالي،
وإطلاقِ إمكاناتِ المشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة.
كذلك،
تشهد المنطقةُ العربيةُ
زيادةً في أعدادِ الشركاتِ الناشئة الرقمية، والخدماتِ الحكومية الإلكترونية،
ومشاريعِ البنى الأساسية الذكية،
ممّا يعكُس قدرةَ التكنولوجيا على إحداثِ تحوّلات جذرية.
السيدات والسادة،
الأجندة الرقمية العربية 2023-2033 هي خطوةٌ جريئةٌ نحو تحقيقِ هذه التحوّلات.
فمن خلال تحديدِ أولوياتٍ واضحة— هي
تعزيزُ البنى الأساسية الرقمية والأمن السيبراني،
وتطويرُ الأطر التنظيمية،
وتهيئةُ بيئةٍ مواتيةٍ للابتكار
في مجالِ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات —
توفِّرُ هذه الأجندة خارطةَ طريق منظَّمة
لجعلِ التكنولوجيا سبيلاً إلى المِنْعةِ الاقتصادية والتقدّم الاجتماعي.
غيرَ أنّ العِبْرَة في التنفيذ:
في ترجمةِ السياساتِ إلى إنجازات ملموسة،
وفي تحقيقِ فوائدَ مستدامةٍ من الاستثمارات،
وفي عدمِ إهمالِ أيِّ جزءٍ من المجتمع على مسار التحوّل الرقمي.
والعِبْرةُ في تذليلِ التحديات:
فالتفاوتُ الرقميُ شاسع،
في ظلّ الفروقاتِ في مستويات الاتصال بالإنترنت الواسع النطاق، ومحوِ الأميّة الرقمية،
واعتمادِ التكنولوجيا.
وبينما تُبْطِئ هذه الفروقات التقدّمَ في بعض أجزاء المنطقة،
لا تزال عملية
مواءمةِ الأنظمةِ غيرَ مكتملة،
ممّا يحدّ من التجارةِ الرقمية
والاستثمارِ الرقمي عبر الحدود.
إضافةً إلى ذلك،
نرى مخاطرَ الأمنِ السيبراني آخذةً في التطوّر،
ممّا يتطلبُ توطيدَ التنسيقِ الإقليمي
لحمايةِ البنى الأساسية الحيوية وسلامة البيانات.
وفي حينَ يحملُ الذكاءُ الاصطناعي
والبياناتُ الضخمةُ والأتْمتَة وعوداً هائلة،
يجب أن تتّسمَ الأطرُ الأخلاقية والقانونية بالكفاءةِ اللازمة
للحؤولِ دون وقوعِ عواقبَ غيرِ مقصودة.
الحضور الكريم،
يُعَدّ هذا اللقاء،
الذي يجمع بين كبارِ واضعي السياسات وقادةِ قطاع التكنولوجيا وروّادِ التحوّل الرقمي،
محفلاً رئيسياً لمناقشة هذه التحديات،
وتسريعِ تنفيذِ الحلول،
وتعزيزِ التعاون الإقليمي.
كما أنّ دمجَ القمة العالمية لمجتمع المعلومات والمنتدى العربي لحوكمة الإنترنت
في هذا اللقاء
يعزّز مبدأً مهمّاً:
وهو
ضرورةُ
أن تتّسمَ حوكمة التحوُّل الرقمي
بالشمول والشفافية،
وأن تستجيبَ لاحتياجات جميع الأطراف المعنية.
وبما أنّ المنطقةَ العربية
تختزنُ ما يكفي من المواهب والطموح
والرؤيةِ الاستراتيجية
لتكونَ رائدةً على مسار التنمية الرقمية،
فلن تسهم نقاشاتُنا في هذا اللقاءِ في تشكيل السياسات فقط،
بل إنّها
ستحدّد أيضاً ملامحَ التقدّم الرقمي خلال العقد القادم.
ولذلك،
دعونا نغتنمُ هذه الفرصة
لضمانِ أن تصبحَ التكنولوجيا
عاملاً حقيقياً في تعزيز المنعة الاقتصادية،
والتميّزِ في الحوكمة،
وتحقيقِ الرفاه الاجتماعي.
ختاماً،
لا يفوتُني أن أشكرَ جامعة الدول العربية وسائرَ شركائنا
على التزامهم بالمضي قدماً في تنفيذِ أهدافنا المشتركة،
والمملكةَ الأردنيةَ الهاشمية على استضافتِها الكريمةِ لهذا الحدث الهام.
كما أؤكّد لكم
أنّ المستقبلَ رقميّ،
واستجابتَنا الجماعيةَ للتحدياتِ الناتجةِ عنه،
والخياراتِ التي نتّخذُها اليوم هي التي ستحدّد مسارَ منطقتِنا غداً.
فلنكن على قدْرِ المسؤوليةِ لدفعِ عجلةِ التنميةِ التكنولوجيةِ والرقميةِ
لتعزيزِ اقتصاداتِنا،
ولتحقيقِ النموِ الشاملِ الذي لا يُهْمل أحداً.
وشكراً.