خطابات

3 كانون الأول/ديسمبر 2022

اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

لا يُخفى على أحد التهميش الذي تتعرّض له مجموعة هامة من السكان، بحيث لا يتاح لها تأدية دورها في الدفع بعجلة التنمية، ولا الاستفادة من مكاسبها. وإذا كان لنا أن نتأكد من عدم إهمال أحد،
فلا بد من أن يشمل ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يمثلون ما لا يقل عن
10 في المائة من سكان المنطقة العربية.

والأشخاص ذوو الإعاقة مجموعةٌ متنوعة، منهم كبار وصغار، نساءٌ ورجال، وكل منهم يملك مواهبَ وقدرات وخبرات مختلفة. وإنها لخسارة لنا جميعاً إذا ظلّوا يواجهون حواجزَ تحول دون مساهمتهم في شتى المجالات.

ففي مجال العمل، مثلاً، تشير المعطيات الحالية إلى أن معدلات توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة أقل بكثير من الأشخاص من غير ذوي الإعاقة، ولا يمكن تفسير هذا التباين بعدم القدرة أو عدم الرغبة في العمل. فالواقع الحالي يشير إلى أن عوامل ثقافية وتنظيمية في بيئة العمل تحول دون دمجهم في سوق العمل.

وأحد أكبر عوائق إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل هي الافتراضات والصور النمطية الخاطئة بشأن طاقاتهم للعمل وقدرتهم على الإنتاج. ويواجه الأشخاص ذوو الإعاقة يومياً هذه الصور النمطية السلبية الموجّهة ضدهم. وغالباً ما تسود هذه الافتراضات لدى أصحاب العمل الذين لم يسبق لهم أن وظّفوا أشخاصاً ذوي إعاقة. ووفقاً لاستطلاع لأصحاب عمل يوظفون أشخاصاً ذوي إعاقة، أكّدت 75 في المائة من المؤسسات أن انتاجية الأشخاص ذوي الإعاقة لا تقل عن زملائهم، وأنّ تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة له آثار إيجابية في مكان العمل.

ولا بد من الإشارة إلى تداخل أوجه التمييز الذي تتعرض له النساء ذوات الإعاقة في الحصول على العمل. فالتفاوت كبيرٌ في نسب توظيف النساء والرجال ذوي الإعاقة. وفي بعض البلدان العربية،
لا تتجاوز نسبة توظيف النساء ذوات الإعاقة
25 في المائة، مقابل 50 وحتى 75 في المائة من الرجال ذوي الإعاقة.

كذلك، تفتقر عدة مؤسسات في القطاعين العام والخاص إلى التسهيلات التي تراعي وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، ما يجعلنا نسأل: كيف يمكن لشخص من ذوي الإعاقة أن يعمل في مؤسسة
لا يستطيع الدخول إليها بسهولة؟

وهنا، نلاحظ أنّ العديد من أصحاب العمل لديهم تصوّر خاطئ بأن تهيئة مكان العمل للموظفين ذوي الإعاقة ينطوي على كلفة مرتفعة. لكننا وجدنا في دراساتنا الاستطلاعية أن ثلث المؤسسات المشاركة ذكرت أن تهيئة مكان العمل لم يفرض عليها كلفةً إضافية، بينما أفاد ثلث آخر بأن كلفة تعديل مكان العمل تتراوح بين 100 و500 دولار أمريكي. ونؤكد هنا على أهمية التصميم الشامل الذي يبدأ من مرحلة التخطيط. وإنّ مراعاة هذا النهج في التصميم تضمن خفض تكاليف التعديلات في مرحلة لاحقة.

وإذا كان لنا أن نزيل هذه الحواجز كافة، فحريّ بنا أن نبدأ بأنفسنا، فكلنا لدينا القدرة على إحداث تغيير إيجابي.

إن الإسكوا ملتزمة بإدماج منظور الإعاقة داخلياً في مقر العمل وفي عملياتها وبرامجها ومشاريعها. وقد أطلقنا "سياسة الإسكوا لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة" في عام 2021. وتحدد هذه السياسة المفاهيم الرئيسية والمبادئ التوجيهية والهيكل المؤسسي لتحقيق إدماج أكبر للأشخاص ذوي الإعاقة ضمن المنظمة. وتوجِّه هذه السياسة أيضاً برنامجَ عملنا لدعم الدول العربية في تنفيذ سياسات وبرامج لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعميم حقوقهم في الاستراتيجيات والسياسات القطاعية الأخرى.

اليوم الدولي لذوي الإعاقة ليس مجرد محطة زمنية إضافية نتوقف عندها، بل هو دعوة ملحّة إلى إدماج هذه الفئة السكانية بحيث تصبح قوةً منتجة وفعالة في المجتمع بعيداً عن جميع أنواع التمييز والصور النمطية. فالقضية تعنينا جميعاً من منطلق مسؤوليتنا الجماعية لتحويل مجتمعاتنا إلى مجتمعات مفتوحة ومتكاملة بجميع عناصرها.  

arrow-up icon
تقييم